Uncategorizedمقالات الرأي

رسالة في بريد رئيس الوزراء ، قبل عودته الي بورتسودان…كفي بيعاً للوهم.

فايف دبليوز سيرفس

بقلم / السفير الصادق المقلي

(دبلوماسي سوداني،  سفير السودان بكندا السابق)

خدمات المواطنين لا تتم بالقرارات و الشعارات. و الإجراءات الإدارية و الأمنية و قانون الطوارئ الاقتصادية. .
ولاية الخرطوم تحتاج مليارات الدولارات لكي يتم إعادة أعمار ما دمرته الحرب. الكهرباء تعمل بأقل من ٤٠ في المائة من سعتها قبل هذه الحرب العبثية.. كل محطات التوليد الحراري في الولاية مدمرة. اكثر من نصف عمدان الكهرباء ملقاة على الأرض. معظم الكوابل سرقت و مصفاة الخرطوم تحتاج لجوالي ٤ مليار دولار لتعيد سيرتها الأولي. معظم محطات المياه مدمرة..
القصر الجمهوري و مبنى مجلس الوزراء مدمر…
نعم لا يمكن الحديث عن تقديم الخدمات للمواطنين و إعادة اعمار ما دمرته الحرب في دولة نازحة و خزينة خاوية علي عروشها و عزلة دولية و إقليمية و قطيعة مع شركاء التنمية..
تم عقد جلسة مجلس الوزراء اليوم في مقر مجلس الوزراء الولائي.و لم يكن في مقر مجلس الوزراء الإتحادي.
حديث د كامل عن الخدمات و إعادة الإعمار من قبيل التفكير الرغائبي.. و الدعاية السياسية.
على سبيل المثال، حديثه عن حوار سوداني سوداني لا يقصي أحدا. مبادرة طيبة لأول مره يتفوه بها بعد حديثه عن أولوية القضاء النهائي علي الدعم السريع.. اي حكومة حرب و ليست حكومة سلام.
لم يفصل… ما هي آلية تنفيذ هذا الحوار على أرض الواقع. و هل هو حوار يمشي جنبا إلى جنب مع استمرار الحرب.. و لم يتحدث عن العفو العام. لان هناك قوي سياسية مطاردة جنائيا من قبل النائب العام بمذكرات توقيف محلية و مطالبة الإنتربول بتوزيع نشرة حمراء في حق هذه القوي المعارضة للحرب و لحكومة الأمر الواقع.
و قد تناسي د كمال ان المجتمع الدولي و الإقليمي الذي عبرت عنه الامم المتحدة و الاتحاد الإفريقي.. قرن هذا المطلوب عن حوار سوداني سوداني شامل بمطلوبين آخرين..هما وقف إطلاق النار و تسهيل انسياب العون الإنساني و تشكيل حكومة تحظي بشرعية توافقية على غرار حكومة الشرع في سوريا، تفضي الي إنهاء الإنقلاب و وقف الحرب و استعادة مسار النظام الدستوري و التحول الديمقراطي.
بيد ان د كامل ينادي بحوار سوداني سوداني بعد ان شكل حكومته بصورة آحادية و ليس بتشاور شامل . و لم يشاور غير العسكر و حركات التمرد و الفلول و الموزاب في بورسودان.. حيث انه وضع العربة أمام الحصان. . و لذلك تصريحه في الخرطوم سوف لن يكن له ما بعده و مبادرة منقوصة فقط On line.
و الملاحظ حتي هذه المبادرة المنقوصة ليست محل إجماع في بورتسودان.. البرهان يصر علي استمرار الحرب و ان الدعم السريع و حلفاءه من الساسة لا مكان لهم في السودان.. و كما قال نائب الرئيس عقار ان الجيش هو الذي يملك صكوك المشاركة السياسية.. و خيوط السلطة في البلاد بعد الحرب و القضاء التام على التمرد…
يحدثنا د كامل أدريس عن السلام و إعادة الإعمار و إصلاح العلاقات الخارجية.،. و كأن البلاد في وضع طبيعي.

حتي في نظام الإنقاذ البائد .. لم يكن  الوضع في يوم من الايام مشابها لما نشهده اليوم من سلطة انقلابية عزلت السودان عن محيطه الدولي و الإقليمي. ؟ و مجمدة مشاركته حتي في الإتحاد الافريقي.. ؟هل خلال كل الحروب حتي في عهد الإنقاذ نزحت الدولة كلها مؤسسات سيادية و تنفيذية، و حتى كل البعثات الدبلوماسية من العاصمة القوميه التى أصبحت مدينة الأشباح يستعصي العيش فيها؟ هل سبق أن فر أكثر من ١٥ مليون مواطن خرجوا او أخرجوا او فروا من ديارهم حذر الموت.!؟ ما بين نازح في الداخل و لاجيئ يبحث عن ملاذ آمن خارج الحدود..؟!
هل شهد السودان طيلة العهود السابقة مثل هذه الكارثه الإنسانية غير المسبوقة في تاريخ السودان الحديث.. سارت بها الركبان في كافة أنحاء العالم.. هل سبق أت إقتات المواطنون الشرفاء من أوراق الشجر و الامباز علف الحيوان ؟؟ هل تعرض السودان لهذا الكم من أسباب الموت. فمن المواطنين من قضي نحبه بدانة او رصاص او مسيرة او مات ذعرا من دوي
المدافع و المسيرات!؟ و منهم من مات جوعا او من اوبئة متعددة او بلدغة عقرب لم يجد لها مصلا، أو غرقا في النهر و البحر أو عطشا في الفيافي او حتي من حوادث المرور فيها و هو في طريقه لبلد يقيه و اسرته شر الموت.!؟
هل سبق في ظل أنظمة سابقة ان تم تقسيم الوطن جغرافيا و ديمغرافيا ما بين الجيش و التمرد.. ؟
على سبيل المثال لا الحصر،،، كيف يؤدي وزير الثروة الحيوانية العالم بروف المنصوري مهامه علي الوجه الاكمل و التمرد موجود في أكثر من ٨٠ في المائة من مناطق الثروة الحيوانية،، و أهم مصدر للعملة الحرة.. الصمغ العربي… و أهم المعادن بما فيها الذهب و اليورانيوم و النحاس ؟ ؟
كيف يتصدي للمعوقات التي يتعرض لها الموسم الزراعي في ظل اضمحلال موارد الدولة من العملات الحرة لاستيراد الخيش و الوقود و الأسمدة و المبيدات الحشرية؟؟ و انقطاع مياه الري بسبب دمار محطات الكهرباء التحويلية؟
نعم كل هذه المآسي سببها انقلاب لم يفعل شئيا غير مقتل ١٣٠ شاب بدم بارد و هذه العزلة السياسية التي بدأت بتعليق مشاركة السودان في الاتحاد الافريقي و من بعد عزلة السودان الدولية و قطيعة تامة مع المعسكر الغربي و شركاء التنمية و إعاقة تدفق العون الميلياري التنموي و الإنسانية و تعليق مسار اعفاء الديون بعدان قطعت فيه حكومة الفترة الانتقالية شوطا كبيرا. افلس خزينة الدولة و تدهور فلكي في سعر الصرف من ٤٥٠ الف جنية في ٢١ أكتوبر تاريخ الإنقلاب الي حولي ٤ مليون اليوم؟!! كل هذه المآسي خرجت من رحم الانقلاب الذي خطط له و دبره الفلول و أكلة الموز و حركات التمرد و نفذه العسكر.
و الإسلاميون هم الذين ظلوا منذ سقوط نظامهم يتربصون الدوائر بالانقضاض علي التحول الديمقراطي و علي الثورة التي نزعت بفضل الله حكمهم..
يتحدث د كامل عن السلام في كافة ربوع السودان و عن التعافي الاقتصادي و إصلاح العلاقات الخارجية. و هو يعرف او يتناسي و يبيع هذا الوهم في الهواء. ان لا صلاح و لا إصلاح و لا تعافي اقتصادي و لا اعمار لما دمرته الحرب، في ظل استمرار الحرب و في ظل ممانعة قيادة الدولة قبل ٢٤ ساعة من تصريحاته علي هامش اول اجتماع لمجلس الوزراء في العاصمة بعد تحريرها.. البرهان جزم بمواصلة الحرب حتي القضاء النهائي على التمرد و هذا ما صدح به د كامل نفسه في خطابه الافتتاحي.. ينادي د كامل من الخرطوم بحوار سوداني سوداني جامع.. بينما يصرح عقار في نفس اليوم (( أن لا مكان في السودان سياسيا او عسكريا للتمرد و حلفائه من بعد الحرب إلا بأمر الجيش!!!!!))
هل بالإمكان يا د كامل.. بعد كل هذا الطرح من قيادة الدولة و صانعي القرار الحقيقين، تحدثا عن (( حوار سوداني سوداني لا يستثنى أحدا و عن سلام في كل ربوع السودان!!!!!؟)).
و لا أخالك و أنت القادم من النادي الأممي، أن متطلبات هذا النادي الدولي و ايضا النادي الإقليمي ان لا سلام، لا نهوض باقتصاد البلاد، و إعادة الإعمار في ظل حكومة آحادية هي من صنع يدك و تمترس في مواقف صانعي القرار و رفضهم لاي تسوية سلمية، و في غياب المصالحة العامة و التصالح مع المجتمع الدولي و الإقليمي.

و لذا هذا التضارب و عدم تناغم الخطاب الرسمي هو أس الداء في هذه الأزمة السودانية… التي كتب علي الشعب السوداني ان يظل يدفع فاتورتها جوعا و مرضا و تشريدا و تقتيلا علي مدار الساعة و لعامين و نيف،، الي ان يقضي الله أمرا كان مفعولا..

سؤال أخير هل ياتري هذه الجلسة التاريخية لمجلس وزراء يا د. كامل.. التي اعقبت تحرير الخرطوم.. هل ستكون الأولى و الأخيرة و ينفض السامر و يعود السادة الوزرا الي بورتسودان ام سيبقون في العاصمة..!؟ هذا ما سيتكشف عنه الأيام المقبلة.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى