في الوقت الذي تُعاني فيه مناطق واسعة في السودان من الجوع والمرض والدمار يطل علينا مشهد غريب ومؤلم.. سودانيون يعيشون في الخارج وكأنهم من كوكب آخر، حفلات وأسواق ومناسبات لا تنتهي، ذهب وألماس ومظاهر لا تشبه حال الوطن في شيء.
بلادنا تحترق وأهلنا يموتون، وهؤلاء يغنون ويرقصون بإسراف، وإمعانًا في البذخ وكأنهم لا ينتمون إلينا!
يا جماعة الخير السودان اليوم يختنق..
ناس في المستشفيات بلا دواء، أطفال ناموا على الجوع، مدارس انهارت وانتهت والناس في القرى والولايات يموتون بسبب حمى الضنك والإسهال المائي والكثير من الأمراض..
شوارع مليئة بالمأساة أمهات فقدن أبناءهن وشباب ضاع مستقبلهم بسبب الحرب.
و في الوقت نفس في الخارج نرى حفلات تُقام في الفنادق الفاخرة ومناسبات يُصرف عليها الملايين فقط لإظهار البذخ والتفاخر على وسائل التواصل الاجتماعي.
قبل يوم سمعت عن “ايفنت” زينب النور التي صممت ثوبًا سودانيًا بتكلفة 22 مليون جنيه مصري، فيه 90 قطعة من الألماس هل يعقل.؟!!
اثنين وعشرون مليون جنيه يا ناس
هل تدركون معنى هذا الرقم في بلد لا يجد فيه الطبيب جهاز ضغط؟
ولا مريض السكري حبة منظم
في بلد تُجرى فيه العمليات في الظلام بسبب انقطاع الكهرباء؟
في بلد يُشرب فيه الناس من مياه ملوثة ويُدفن فيه المرضى دون علاج؟
يا ترى ماذا يقول مثل هولاء لأنفسهم عندما يرون صور الأطفال الهزلى في معسكرات النزوح؟
بأي وجه ينظرون إلى وطنٍ يُدفن فيه الجمال كل يوم تحت ركام الحرب والفقر؟
نحن لسنا ضد الفرح ولا ضد الاحتفال لكن الفرح في زمن الألم قسوة.
أن تضحك وأهلك يبكون جريمة أخلاقية قبل أن تكون إنسانية.
السودان لا يحتاج حفلات من ذهب وألماس بل يحتاج قلوبًا من ذهب وألماس..يحتاج من يرسل الدواء بدلاً من الورد ومن يبني مدرسة بدل ما يصرف على صالة أفراح وفنانين
يا إخوتي في الخارج
أنتم جزء من السودان لا تكونوا جزءًا من خيبته..ساعدوا لا تتباهوا
اعملوا بصمت ساعدوا المحتاجين أقيموا مبادرات خيرية وحدوا فيها صفوفكم وليس مناسبات فارغة لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
والله سيسأل والله سيسألكم يومًا:
أين كنتم حين كان وطنكم يموت؟
هل وقفتم مع المساكين والفقراء أم كنتم تعدّون الذهب والألماس والملابس الفخمه للحفلات؟
العالم كله يرى حالنا.
يرى الخراب الجوع النزوح المرض والدمار..
ثم يرى في المقابل سودانيين “ينقطون” للفنانات بالدولار ويرقصون على جراح أهلهم.
أي رسالة هذه؟
أهذه صورة السودان التي نريد أن نوصلها للعالم؟
بلد الأبطال والمبدعين والنوابغ من الأطباء والمهندسين والاساتذه صار يُعرف بالبذخ الفارغ والترف المصطنع؟
نحن أمة ابتلاها الله لتتعظ لكننا لم نتعظ
خسرنا الأرض وخسرنا السلام وها نحن نخسر الأخلاق.
الوجع الحقيقي ليس في الحرب فقط بل في موت الإحساس داخلنا.
في أن نرى أهلنا يعانون ولا نهتزّ
في أن نسمع صراخ الأطفال في الداخل من الجوع والمرض بينما نصغي للموسيقى في الخارج.
يا أهل السودان..عودوا إلى ضمائركم قبل أن يعود الوطن ترابًا.
تعلموا أن ما يرفع قيمة الإنسان ليس ما يلبسه ولا ما يملك بل ما يقدّمه.
والله لن يرحم أمة أغلقت قلبها عن أهلها.
أكتب هذه الكلمات وأنا أرى وطني ينزف
كفى استعراضًا كفى غفلة كفى نسيانًا
أعيدوا إنسانيتكم قبل أن نفقد ما تبقى منّا..
السودان لا يحتاج رقصًا السودان يحتاج رحمة.
ومن لا يشعر بوجع وطنه فهو غريب مهما عاش بين الأضواء.
غادة المنصور العجب
منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.