
بقلم : د خالد صالح
ورد في الأخبار، أن محكمة الجنايات العامة بسنجة اسدلت الستار على محاكمة المدعو (م.و.أ) ، الذي أدانته المحكمة بالإعدام شنقًا حتى الموت تعزيرًا ، بعد ثبوت تورطه في سلسلة من الفظائع والإنتهاكات الجسيمة ضد المدنيين تحت عباءة المليشيا المتمردة.
المدان ، الذي كان يعمل ضابطًا برتبة رائد ضمن صفوف المليشيا، أقدم على إذلال أسرة كاملة بمدينة سنجة ، وإجبار أفرادها على خدمته وخدمة رفاقه ، كما قام بإجبار إحدى نساء الأسرة على الإنفصال عن زوجها للزواج بها ، ولم ينجُ من أذاه حتى الأطفال الذين إضطروا لتلبية أوامره تحت التهديد ، حتى وصل بهم الأمر إلى جلب المياه بعجلة ( درداقة) من النيل لسقاية أفراد المليشيا.
بعد إنسحاب التمرد من سنجة ، حاول المتهم الإختفاء عن الأنظار ، إلا أن الجهود الكبيرة التي بذلها رئيس وأعضاء المركز الأمني المشترك لمحلية سنجة أسفرت عن القبض عليه وتقديمه للمحكمة . وقد أشاد رئيس الخلية الأمنية المشتركة بهذا الإنجاز ، مؤكدًا مواصلة المشوار في حماية المدنيين وملاحقة كل من تسول له نفسه الاعتداء على أهل سنجة.
( إنتهى الخبر).
لكنه يحمل رسائل ومضامين عدة تستحق التأمل والوقوف عندها طويلا والتفكر فيها ، فقد ظن بعض المعتوهين أن إلتحاقهم بالمليشيا المتمردة عاصم لهم من الإلتزام بالأخلاق والقانون والأعراف وتقاليد أهل السودان السمحة ، فطفقوا يعملون في الأرض فسادا ويرتكبون جرائم مركبة يشيب لها الولدان ، يذلون الناس ويستخدمونها سخرية ، يعبثون بكرامتهم وشرفهم ويستحلون دماءهم وأموالهم ونساءهم ، في غياب تام للضمير الإنساني والوازع الديني والأخلاقي ، وفي تحدي سافر لسلطان الدولة والقانون ، إعتمادا على هجمية الدعم السريع ، وعنفهم وقانونهم الذي يفوق قانون الغاب في التعدي على حقوق الآخرين وإرتكاب الجرائم بشكل مقزز تقشعر منه الأبدان .
ما إرتكبه المدان ( م. و. أ) في سنجة خلال نكبتها، هو نموذج لما يرتكبه ضعاف النفوس ومختلي العقول الذين إلتحقوا بالمليشيا في كل بقاع السودان التي رزئت بوطأتهم الثقيلة وأفعالهم الإجرامية، التي إحتار لها أصحاب الضمائر السليمة في كل العالم .
ما حدث من جرائم من قبل المليشيا وأعوانها ومستنفريها وداعميها فصل مخزي في سجل الإنسانية، يجب أن يجد الردع القوي والمناسب ، الذي ينسجم مع خطورة تلك الجرائم التي إرتكبوها. لقد ظن أولئك السفهاء أنهم ناجون من سلطان القانون بأفعالهم تلك، فسدروا في غيهم يعمهون ، ولكنهم لا يعلمون أن هناك عدالة سماوية ، وهناك رب لا يظلم عنده احد ، وانه كما تدين تدان ، فقد كانت هذه المحاكمة وغيرها من المحاكمات التي تجري بأروقة المحاكم في سنجة ومدني والخرطوم وغيرها المدن دليل عملي يؤكد ان المليشيا لا يمكن أن تهزم وتحكم دولة، وأن المجرمين – كل مجرمي المليشيا – سيطالهم القانون ولو بعد حين ، هذا ان لم يهلكوا برصاص جنودنا الأبطال ، ومن بعد كل هذا تنتظرهم العدالة السماوية في آخرتهم ليحاسبوا على القطمير وحبة الخردل .
برافو محكمة جنايات سنجة لردع المجرمين وأنذال المليشيا ، وكما تدين تدان .