بقلم / مولانا حسين الفكي الإمام
(قاضي المحكمة العليا السابق)
مولانا الاستاذ الصديق الزاكي الصديق المحامي ، وهو لاعب حريف في ميادين الأدب الحديث ، ومتبتل في محراب نقل اللغة الرصينة واستخدامها ، فسالته هل الشاعر الفرزدق والشاعر جرير أصدقاء ام اعداء؟
فاجاب :_
في الشعر والادب ترويح عن النفس وتحسين للمزاج والذوق ، وخروج عن التقليد ونظرة للتغيير المنشود ، فقد أورد الشاعر جرير الأبيات التالية في مناسبات مختلفة ،حيث قال في الغزل.
ان العيون التي في طرفها حور
قتلننا ولم يحيين قتيلا.
وقال في المدح :_
الستم خير من ركب المطايا .
وقيل في هذين البيتين أنهما اغزل وامدح بيوت شعر لدي الشعراء العرب ،وهي مجرد تقديرات ، وفعلا جرير والفرزدق كانا كفرسي رهان او كركبتي بعير ( كنا كربتي بعير نقوم من الأرض سويا ونتكيء عليها سويا ) كما قال العلامة البروف عبدالله الطيب فيما بينه وبين قريبه محمد المهدي المجذوب من قوة وشيجة ،وذات الشأن كان ببن جرير والفرزدق لاربعين عاما رغم أنهما كانا يتهاجيان ويتباريان الا ان ذلك لم يفسد الود الذي بينهما وهما اساطين الشعر العربي ، ولكل منهما اسلوبه الخاص وادائه المتميز المختلف ، فالشعر عند جرير سلس ومنساب ،
وسهل العبارة وحلوها ،اما الفرزدق فيجنح نحو الوعورة وتقديم لغة العرب الصلبة.
ولذلك قيل عنهما ان جرير كان يغرف من بحر والفرزدق كان يحفر في صخر ، ولكن وعورة عبارات الفرزدق قيل انها قد حفظت لللغة العربية مجدها في وقته ولذلك قالوا لولا الفرزدق لضاع ثلث العربية ولا ننسي ان الفرزدق هو شاعر ال البيت المفوه ولا ننسي رده علي هشام بن عبدالملك في الكعبة عندما جاء هشام للطواف ،
ومنعه الزحام فأنتظر ولكن عندما جاء الإمام علي زين العابدين بن الحسين للطواف في ذلك الزحام افسح له الحجاج ، فغار الخليفة الأموي وهو الامير ، وحاول التقليل من الإمام زين العابدين فقال من هذا ؟
رغم انه يعرفه تمام المعرفة فاجابه الفرزدق بقصيدته المعروفة .
هذا الذي تعرف البطحاء سيرته ،
هذا ابن خير خلق الله كلهموا .
هذا النقي التقي ،الطاهر العلم .
وما قولك من ذا بضائره ،
فالعرب تعرف من انكر العجم .
فيا اهل السودان كم من فرزدق في السودان وكم من جرير فيه وكم من ال زين العابدين ؟
تعالوا الي كلمة سواء فان ما يجمعنا من قيم نبيلة وموروثات قيمة اكثر مما يفرقنا وان الخلاف في بعض القضايا لا يفسد للود قضية فالسودان يسع الجميع ، فتعالوا الي كلمة سواء بيننا وبينكم .
فالوعي السياسي مهم .
( اخشي الا اكون كمن يؤذن في مالطة ……)