مقالات الرأي

من وادي العرب الي صناعة الذهب !!.

فايف دبليوز سيرفس

بقلم/ عصام محمد احمد (الساحر)

قليل من الصبر ايها الساده فرحلتنا مازلت في اولها بل لم تبدأ بعد…ولم ندخل في تفاصيلها المتعبة والمرهقة والقاسية ……
تركنا الحضارة خلفنا وعربتنا تتهادى في مسيرها… وادي رملي لاتنتهى خطوطه وصخوره ومنعرجاته…..لاحظت حركة كثيفه للراجلين عرفت بعدها انهم الدهابة المغامرين الباحثين عن المعدن الاصفر اللامع… الذهب السطحي..في نورايت. .
لم تكن علاقات الدولة بالدهابة وصناعة الذهب الاهلية ابدا بخير في يوم من الايام….هذا ما عرفته بعد مسيرة يوم وليلة كاملين وسط الجبال الصفراء طريق وعر وقاس الملامح يصعد فجأة مثلما يهبط…حتى وصلنا الى اخر محطة في رحلتنا قبل ان نتجه شمالا لأسوان……
قضينا 3 ايام بجبال الانصاري حيث صناعة الاقتصاد تبداء من هناك ومئات الشركات الاهلية تقوم بانتاج كميات هائلة و مقدره من الذهب في البلاد….

الوحدة الادارية جبل الانصاري:

والانصاري من اهم واخطر مناطق تعدين وانتاج الذهب في البلاد..
تمارس فيها اكثر من 100 شركة اهلية عملية المساهمة في صناعة الاقتصاد الوطني وتنمية المجتمع ….
اكثر من 4الف عامل يوميه غير محترف يعملون في بيئة اقل ما يمكن ان توصف به طارده وغير صحيه….
يفتقدون لابسط شروط السلامة والامان المهني..ولا تنطبق عليهم قانون الخدمة المدنيه التي تنظم حياة العاملين في الدوله وكأنهم استثناء عن القاعدة…ولايخضعون لترتيبات الضمان الاجتماعي ولا التأمين الصحي بل حتى يجهلون عما اتحدث…

حالة شاذة:
العامل من هؤلاء يظل يعمل طوال 12 ساعة يوميا بشكل متواصل بدون راحة او عطلة اسبوعية دون اي مقابل مالي او احر اضافي وفي النهاية لا ينال الا ما اتفق عليه مع صاحب العمل..لا عقود ولا تعاقد بين الاطراف ولاعلاقة عمل واضحه بين الدولة وبين الشركات على الاقل فيما يتعلق بالتدخل كطرف حامي لحفظ حقوق هؤلاء العمال وانصافهم فيما بعد اذا دعت الضرورة…..
كل الذي يجمع بين كل هذه الاطراف هو ان تنتهي عملية الانتاج بتحقيق اكبر مدخول وان تمضي بامان و سلاسة تدفق الايرادات
بالنسبة للمؤسسات ذات الاختصاص التعدين والمحلية ……وهذه الاخيرة …بالذات لدينا ملاحظات على اخفاقاتها في ادائها من خلال معرفتنا بمهامها وادوارها الخدمية التي يفترض ان تقدمها مقابل ما تتحصله من اموال ورسوم…
مسئولية الوحدة الادارية لجبل الانصاري لا تتوقف فقط عند الخلل في فهم ادوارها الخدميه ولكنها تجاوزت ذلك الي محاربتها وتعطيلها …….من اهم مهام اي محلية اصحاح بيئة المكان في حدود اختصاصها….وهذا ما تحاربه وحدة الانصاري الادارية ..برفضها التصاديق لملاك الطواحين وشركات التعدين..لعمل حمامات للعاملين بهذه الاجسام المنتجه وذلك لكسب بعض الايرادات من خلال ادارة حمامات مدفوعة القيمة…والعامل بطبيعة الحال لا يقبل ان يدفع 10%من راتبه مقابل قضاء حاجته فيضطر لتلويث البيئة وقضاء حاجته بين الصخور وفي اعالى الجبال…وفي موسم الامطار يختلط نابل المياه الاسنه المنحدرة من الجبال ليتسرب مع حابل مياه الشرب الداخله الي الابار فيضطرون لاستخدامها في شربهم وصناعة اطعمتهم منها….فأي بؤس واي شقاء وامراض تنتظرهم فيما بعد بسبب اطماع وحرص المحلية لتحقيق بعض الايرادات على حساب اداء مهامها الصحية وتكاليفها…..

علاقات الانتاج:

كنت استغرب عن هذه العلاقة النشاذ بين الصاغه وبين اصحاب الطواحين من الذي وضع اسسها وقوانينها و قرر شكلها وما هو دور الدوله في تنظيمها وتعزيزها لتواكب الحالة العالميه وتصبح قيمة اعلى مضافه للانتاج ومردوده وحاصل صادره دعما للاقتصاد الوطني وجلبا للعملات الحرة وخنقا وتحجيما وتقزيما لعمليات التهريب التي تهزم العملية كلها………كنت استغرب من الذي بنى هذه العلاقة وبهذا الشكل المعاق والمعيوب…فالدهاب الذي يشقى ويتعب ويعرض نفسه للموت و حياته تحت التهديد المستمر مقابل 30% فقط من كل ما يحمله من تبر ومن صخور تعب في تجميعها وتجيهزها ودرشها وسهر الليالي…ليوصلها الي الطواحين الثابته لطحنها وهذه النسبة هي ما استطاع الذئبق انتشالها واقتناصها من بين الانقاض ..والمتبقي ما يسمى بالكرته يذهب الي صاحب الطواحين والبالغ نسبته70% ولكن بعض الشركات احست بضرورة تقديم حوافز اضافيه لجذب الدهابة للتعامل معها فالامر يستحق اكثر من حافز لانه يبيع قلاب الكرته ما بين 7 و10 مليار جنيه بخلاف ما يدفع به للتصنيع…فقدمو بعض الحوافز امثال الاقامة وتقديم كروت الانترنت والبعض المتمكن قوى علاقاته باضافة ميزة الترحيل والتي تقلل من تكلفة الانتاج وتساعدالصاغة كثيرا في تحسن المدخول……

الكسارات النهاية القميئة:

واصلنا رحلتنا بعد تغيير الوسيلة والسائق…
شجعتني فترة الراحة التي قضيتها بالجبل على فهم طبيعة وتوقع متبقي طريق الرحلة الي اسوان…عمنا ابو صالح قطع بنا افضل واسهل مسافة في الرحلة منذ بدايتها… وهو ايضا رشايدي ولكن سيان بينه وبين الصبي المراهق…كثير الحركة والصراخ والتدخين…
بعد ذلك وصلنا الي منطقة التبادل بين العربات القادمة من اسوان واخواتها الاتية من الانصاري حيث غيروا لنا العربة في اسواء مرحلة من مراحل سفريتنا عانينا فيها ما عانينا من سوء الطريق وغاصت سيارتنا اكثر من مره في وحل الرمال واستمرت رحلتنا متواصلة من العصر وحتى صبيحة اليوم التالي…وقبل وصولنا الي تخوم اسوان اوقف السائق عربته وقال ..الان نحن قريبون من الكسارات ..عليكم الاستعداد للقفز من العربه قبل التوقف كلية….حتى لا يفاجئنا جنود شرطة التهريب…والمعروف في حالة القبض على اي احد منكم سيبعد ويعاد الي البلد ..حقيقة اكثر مكان خفنا فيه هو هذه الكسارات وما كان ينتظرنا فيها….
وبعد ان وصلنا اليها وقد كنت معروف بصعوبة الحركه وعدم استطاعتي مجاراة الشباب ..فطلب منى السائق البقاء فبقيت..وفوجئت بعد ذلك فقداني لحقيبتي التي لم تكن تحتوي على شئ ذو بال او اهمية سوى علاجات الامراض المزمنه..وبعض الملابس ..فقدتها واحتسبتها وحمدت الله كثيرا على سلامة وصولي بكامل قواي العقلية اما الجسديه فصعب التكهن او التأكد مما اصابها الا بعد اجراء الصور والرنين المغنطيسي والفحوصات الاخرى……….

العلاقه بين ابراهيم عبود وبين صلاح سنداله…

الان انا في بلانة..ومازلت متعبا ..واعاني من مضاعفات هذه السفرية التي اسأل الله الا يضطر احدا من كبار السن والمرضى المغامرة بدخول تجربتها……
ارتحت جدا رغم المعاناة والعذابات عندما حدثني قريب الرئيس الاسبق الفريق ابراهيم عبود ببلانا عن اصوله المتصله بالقرية النوبيه…
الجميله..رغم ان اسمه اصبح بالنسبة لنا نوبيي السودان مرتبط باسواء واقسى تجاربنا وهي عملية تهجيرنا واغراق ارثنا وحضارتنا… مراعاة لمصلحة السودان ومصر العليا …..بنفس القدر وبالزياده حزنت عندما عرفت..ان المدعو صلاح محمد سليمان خليل الملقب بصلاح سندالة الناشط الداعم للمليشيا من نفس البيت فقد كشف لي محدثي ان سندالة الذي يهاجم دولة 56 هو حفيد الرئيس ابراهيم عبود….الفكرة يبدو ان القصة جينات رغم الفارق بين الحالتين فعبود قام بتهجير اهل النوبه بين الشمال والجنوب داخل اوطانهم ..اما حفيده فانه يدعم ويسعى لتهجير الشعب السوداني كله خارج خريطة البلد ليستقر فيها عرب الشتات ..قال لي محدثي ان اهله يرفضون سلوكه واكثر من مرة تحدثوا معه بهذا الشأن ولكنه كان يصر على مواقفه ونحن كأهل نعرف انه قبض ثمن موقفه هذا….ولن يتزحزح عنه شبرا لانه بالنسبة له اصبح مشروع استثماري ناجح واسلوب حياة….

الي الرئيس السيسي…

نناشدك بانسانيتك ورحمتك ان تخاف الله في المرضى من كبار السن على الاقل وتعفيهم من هذا العذاب والمعاناة وتمنحهم تأشيرة الدخول الي مصر بدون اشتراطات ..اجعل من قرارك صدقة جارية قد تحتاج اليها ذات يوم….ودعوة من مريض اشعث اغبر في رحم الغيب قد تصيب فاجعلها لك لا عليك……

اللهم هذا قسمي فيما املك….

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى