أجرى موقع دارفور نيوز تحقيقا استقصائيا حول الأوضاع الإنسانية السيئة التي يعيشها المعتقلين في سجون قوات الدعم السريع المتمردة..وجاء في التحقيق:
برز اسم مدينة الخير الإصلاحية، المعروفة محلياً بـ”سجن دقريس”، كأحد أبرز مراكز الاعتقال التابعة لقوات الدعم السريع في إقليم دارفور غربي السودان، وسط تقارير متزايدة عن ظروف احتجاز قاسية وممارسات أمنية صارمة. ويقع هذا السجن على بعد 25 كيلومتراً غرب مدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور، وقد استمد اسمه من بلدة دقريس الواقعة في محلية السلام، إحدى المحليات الإدارية التابعة للولاية.
اكتسب سجن دقريس شهرة واسعة منذ مطلع العام الجاري، بعد أن أعادت قوات الدعم السريع تأهيله عقب تعرضه لأعمال نهب وتدمير إثر اندلاع الحرب. ومنذ ذلك الحين، أصبح السجن واحداً من أكبر المعتقلات التي تستخدمها القوات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث تم نقل مئات المحتجزين إليه من ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور. وأفاد أحد سكان نيالا لموقع “دارفور24” بأن قوات الدعم السريع تستخدم السجن كأداة للترهيب، مهددة بنقل كل من يخالفها الرأي إلى هذا المعتقل.
وكشف معتقل سابق لـ”دارفور24″ عن وجود إجراءات أمنية مشددة داخل السجن وخارجه، تشمل حراسات دائمة على الجدران الخارجية التي يبلغ ارتفاعها ستة أمتار، بالإضافة إلى دوريات قتالية مؤلفة من خمسين عربة تجوب المنطقة المحيطة بالسجن. ويتكون السجن من قسمين رئيسيين، يحتوي كل منهما على خمس سرايا، إلى جانب خلايا شرعية ومقصلة للإعدام، فضلاً عن منظومة مياه تعتمد على ست محطات غاطسة.
أوضح المعتقل السابق أن كل قسم يضم أربعاً وعشرين زنزانة، تبلغ مساحة كل منها مترين مربعين فقط، وقد خُصصت في الأصل لاحتجاز شخص واحد، إلا أن قوات الدعم السريع المتمردة تعمد إلى وضع خمسة أشخاص في كل زنزانة. ووفقاً للمصدر ذاته، فإن عدد المعتقلين في السجن يُقدّر بنحو ثلاثة آلاف، من بينهم أسرى من الجيش السوداني والقوات المشتركة، إضافة إلى مدنيين وعناصر من قوات الدعم السريع نفسها. كما يضم السجن مساحة مخصصة لحصر أعداد المعتقلين، ومبانٍ إدارية، ومطبخاً كبيراً لإعداد الوجبات، ومدرستين تم تحويلهما إلى معتقلات، إلى جانب وحدة طبية مخصصة لفئة محددة من المحتجزين.
تحدث صالح محمد، أحد أقرباء معتقل في سجن دقريس، لـ”دارفور24″ عن صعوبات كبيرة في زيارة المحتجزين، مشيراً إلى أن إدارة السجن لا تسمح بمقابلة أي نزيل إلا عبر وساطة من قيادات أهلية. وأضاف أنه حاول زيارة شقيقه في أغسطس الماضي، لكن طلبه قوبل بالرفض، وعندما عاد لاحقاً حاملاً بطانية، تم احتجازه لأكثر من خمس ساعات قبل أن يُفرج عنه. وفي السياق ذاته، كشف مصدر طبي عن إصابة أربعة معتقلين بتسمم غذائي مطلع أغسطس، تم نقلهم إلى مركز طبي في وسط مدينة نيالا لتلقي العلاج.
تعود فكرة إنشاء مدينة الخير الإصلاحية إلى عام 2016، حين بدأت الإدارة العامة للسجون والإصلاح التابعة لرئاسة الشرطة السودانية بتنفيذ المشروع على مساحة تبلغ مليونَي متر مربع. وكان من المقرر الانتهاء من أعمال البناء بحلول نهاية عام 2020، إلا أن تعثر توصيل خط الكهرباء من مدينة نيالا حال دون ذلك. ووفقاً لمصادر تحدثت لـ”دارفور24″، فإن استكمال الربط الكهربائي يتطلب تركيب 550 عموداً، ما أدى إلى تأجيل تشغيل المشروع في صورته الأصلية وتحويله إلى مركز اعتقال تحت إدارة قوات الدعم السريع.