مقالات الرأي

جراب الذاكرة..محكمة استئناف الخرطوم في ٢٠١٣م

بقلم/ مولانا حسين الفكي الأمين الإمام

(قاضي المحكمة العليا سابقا -مقيم بدولة الإمارات)

نقلت للجهاز القضائي بالخرطوم في أبريل ٢٠١٣م قاضيا لمحكمة الاستئناف حيث جئت اليها منقولا من محكمة استئناف النيل الأزرق وصلت الخرطوم والصيف قد افرد جناحيه بحرارة نهاره وطوله ، وقد كان ليله هادئا يرسل بين الحين والآخر دعاش الرشاش وقد لف الاقتصاد السوداني ثيابه علي اهل السودان ولم تكن تلك الثياب باليه ولاقديمة ولكنها ساترة والمواطن ينعم برخاء نسبي وقد تعافي الاقتصاد او كاد ان يتعافي من علله القديمة وهو احساس نسبي برفاهية ولكن سرعان ما عاودته الامه القديمة بعد فترة لم تكن طويلة فدب مرض الفساد في اوصاله ومرض المحسوبية ونتانة التفاخر بالقبيله واخطر هذه العلل واشدها فتكا مرض الكراهية ذاك المرض الفتاك الذي افقد الأمة المال والجاه والاستقامة وضياع العز والكرامة الذي تلي مرض الكراهيه في جسد المجتمع .
محكمة استئناف الخرطوم تشير الي انك قد بلغت رشدا وحكمة وهذا الوصف ينطبق علي محاكم الاستئناف في السودان لذا عندما تولي السيد مولانا محمد ابوسن رئاسة القضاء كانت فاتحة اعماله قيامه بزيارة تفقدية لمحكمة استئناف الخرطوم لاهميتها بأنها من أكبر المحاكم عدة وعتادا
لذا كانت القيادة في السلطة القضائية قد نثرت كنانتها ورمت بافصل القضاة للعمل بالخرطوم افضلهم من حيث الخيرة والعلم والمهنية وتكاد تكون هي المحطة التي يصل إليها كل قاضي بعد عمله في المناطق الاخري ولذا كان شعار كثير من القضاة ( لابد من صنعاء وان طال السفر )
فهي المحطة الأخيرة التي يصل البها القاضي بعد عناء من الترحال وكثرة التسفار .عموما العمل القضائي مسؤولية كبيرة خاصة في الخرطوم لتنوع العمل القضائي فيها وكثرته واهميته . كل الأماني ان ينقل احد للخرطوم وكان القول السائد( الخرطوم محل الرئيس بنوم والطيارة بتقوم ) هذا مثل كان شائعا لأهمية العمل بالخرطوم حيث الرقابة ولكن تصبح رقابة الضمير هي مفتاح العدالة ونبذالظلم .
العمل بمحاكم الخرطوم في البدء كان شاقا ولكن عندما نشط القادة في السلطة القضائية في برنامج تحسبن بيئة العمل القضائي والاهتمام بالقضاة ومعاونيهم من الموظفين والعمال الذي بدا في مطلع التسعينات وفي هذا القرن تحديدا الا ان هذا الاهتمام الذي بدا مبكرا لم يكن قدر الطموح والهم الذي يحمله القضاة لارساء مبادي العدالة والاستقامة وما زالت الحاجة ملحة لتحسين أوضاع القضاة ومعاونيهم والطريق الي ذلك ليس مفروشا بالورود والرياحين ولكنه طريق شاق لان العدل هو أساس الحكم ولم تكن برامج تخسين بيئة العمل القضائي وتدريب الكادر البشري وتحسين أوضاع القضاة ومعاونيهم المعاشية بقدر طموح المخلصين للعمل القضائي التواقين في ان يروا العدالة تمشي علي رجلين اكثر استقامة ونضجا ويصبح مبدأ الاستقلال المالي والإداري حلم المخلصين والطريق في هذا طويل وشاق بحتاج لجهد الدول وتفهم رسالة العدل تقصيرا للظل الإداري كما تصبح قضية تحديث العمل القضائي هي الأهم وذلك حتي ينعم المواطن السوداني بقضاء ناجز وعادل
قضايا تحسين بيئة العمل القضائي ورفع المستوي المعيشي للكادر البشري العامل في مجال القضائي وكذلك تحسين أوضاع المعاشيين في مجال القضاء ومن ثم تحديث العمل القضائي وتدريب الكادر البشري للقضاة ومعاونبهم تدريبا مهنيا وتقنيا كلها أصبحت قضايا ملحة في طاولة الحكومة الجديدة .

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى