مقالات الرأي

حكومة دكتور كامل..اعلاميون وسياسيون وخبراء أمنيون وبيع الوهم

فايف دبليوز سيرفس

بقلم/ السفير الصادق المقلي

(دبلوماسي سوداني – سفير بعدد من الدول آخرها كندا)

فيما يتعلق بحكومة كامل التي هي في طور التخلف ، نجد عثمان ميرغني و الذين معه في الفضائيات من مسؤولين و اعلاميين و خبراء أمنيين من دعاة الحرب و ترجيح الحل العسكري للصراع .. يتحدثون و كأننا في ظروف طبيعية. و ان الحرب وضعت اوزارها و انتقلت البلاد إلى مرحلة جديدة.. و ان د كامل مشكلته فقط حصة حركات التمرد من كعكة السلطة.. و حتى ما رشح من تكالب بعض الكيانات السياسية المساندة للحرب و لاستمرارها بمن فيهم د كامل نفسه الذي جعل أولوية حكومته القضاء التام على التمرد في خطابه الافتتاحي. . مما يعني حكومةٍ حرب.
ربما يجد المرء العذر للسياسيين و المحللين من المحسوبين على دعاة الإنقلاب او الإسلاميين. لكن لا يمكن أن أجد لك عذرا للأستاذ عثمان ميرغني و هو متابع جيد للمشهد السياسي منذ انقلاب اكتوبر 2021.. و زبون دائم في الفضائيات.. ان يقتصر تحليله فقط على العراقيل التي تواجه د كامل، ،. خاصة فيما يتعلق بمحاصصة حركات التمرد وفق اتفاقية جوبا التي يشكك الكثير من المشرعين في صلاحيتها ،، و بعض التنظيمات التي تلهث وراء اقتسام كيكة السلطة… .. حتي و لو صدق ما قلته انت و غيرك من قبل،، أن د كامل تولي هذا المنصب بكامل الصلاحيات،،، و قد إثبتت التجربة خلاف ذلك.. و إلا لماذا استغرق و بدد كل هذا الوقت دون أن يشكل الحكومة.. فقد اصطدم بالعقد و التعقيدات المعروفة للجميع.
صدقني لو منح د كامل كامل الصلاحيات دون تدخل او محاصصة لاي جهة و أتي بعلماء الأرض لتشكيلِ حكومته سوف تولد هذه الحكومة ميته. و لن تحظى باعتراف دولي أو إقليمي أو من قبل الكثير من القوى السياسية و المدنية.. .. .

قبل أن يبحث د كامل عن حكومة، عليه ان يبحث عن دولة تكاد تضيع من بين ايدي الجميع.. هذه الحرب اوصلت البلاد بالفعل الي حالة اللادولة… على د كامل ان يلتزم بالمصفوفة ذات الثلاث شعب التي بعث بها الإتحاد الافريقي و الأمم المتحدة في بيانين توأمين ترحيبا بتعيينه رئيساً للوزراء..
ان كان فعلا يريد خيرا لهذا الوطن الجريح و هذا المواطن المغلوب على امره و الذي تفرقت به السبل ما بين نازح في الداخل او لاجئ او في إقامة جبرية في دول الجوار فرارا من الحرب.
وفق مصفوفة الإتحاد الافريقي و الأمم المتحدة.. أولا وقف الحرب، ثانيا إجراء مشاورات شاملة و تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة بتوافق سياسي عريض.. تفضي الي استعادة مسار التحول الديمقراطي و علاقات السودان في محيطه الدولي و الإقليمي و مع شركاء التنمية و استعادة مسار إعفاء الديون في سبيل تعافي الاقتصاد و اعمار ما دمرته الحرب و عودة النازحين و اللاجئين الي ديارهم.
و لكن بكل اسف اتي د كامل بما لا تشتهي سفن المجتمع الدولي و الإقليمي الذي يضع على سلم أولوياته السلام في السودان.
و تتواتر الأنباء حاليا عن تشكيل حكومة اشبه بحكومة الحرب ،،في ظل تصريح د كامل ان من (( أولوياته القضاء التام و النهائي على الحرب)) الأمر الذي يشي بانحيازه الي خيار الحسم العسكري ، دون أن يحسب التكلفة البهيظة لاستمرار حرب لا طائل َراءها ظل الوطن و المواطن يسددان فاتورتها على مدار الساعة.. من قتل و اغتيال و تشريد و جوع و مرض ، و أنهيار تام للقطلعات الصناعية و الزراعية و الصحية و التعليمية و تهتك النسيج الاجتماعي و سيادة خطاب البغض و الكراهية ،،مع استدامة العزلة الدولية و الإقليمية و إفلاس خزينة الدولة.
تشكيل مثل هذه حكومة من دون اجماع وطني ستولد ميته و سوف لن تحظي باعتراف سواء من القوى السياسية َ و المدنية المناوءة لاستمرار الحرب أو من المجتمع الدولي.. و مخاطر الانهيار الكامل للدولة..
انت و غيرك…كنتم عوضا عن الحديث عن ملابسات تشكيل الحكومة،،، ان تنصحوا القائمين على الأمر أن يعملوا قبل كل شيء على ايقاف هذه الحرب الوجودية و المصالحة الوطنية و التوافق العريض على اجماع وطني و حكومة وطنية تطبع علاقات السودان مع محيطه الإقليمي و الدولي و شركاء التنمية في سبيل عودة ملايين المشردين و استقطاب الدعم للتنمية و إعادة اعمار ما دمرته الحرب. في فترة انتقالية تستكمل فيها مؤسساته الدولة خاصةً تلك الخاصة بالانتخابات و الدستور و الأجهزة العدلية ،،، تفضي في نهاية الفترة الي انتخابات حرة و نزيهة يقول فيها الشعب السوداني كلمته..
لكن بدلا عن كل هذا،، يتحدث الخبير الأمني عامر حسن من اسطنبول ان ليس من مهام حكومةٍ د كامل إجراء حوار سوداني او الاتصال مع القوى السياسية.. و هو محمد الواثق ممثلا لحزب الإصلاح و التنمية.. و حسن إسماعيل يتيم الثورة ،، الذي لا يشعر،، و هو في رغد من العيش، ،و دولة تطعمه من جوع و تأمنه من خوف ، لم يحس يوما بتداعيات هذه الحرب المأساية التي اضطرت مواطنين شرفاء كي يقتاتون من صفق الشجر َو علف الحيوان.. بل منهَم من يهدده شبح المجاعة كما تشير التقارير الأممية. .. يحدثنا من اسطنبول ان التفاوض خط أحمر و أن تستمر هذه الحرب العبثية المدمرة القذرة و لو لألف عام.. فإي خطل هذا ؟؟ هذا شخص فقد حتي انسانيته و الدولة في حالة حرب.. و انقسام جغرافي و ديمغرافي بين المتقاتلين. و شعب تفرق شذر مذر ما يبن المنافي في الخارج و مناطق تحت رحمة لوردات الحرب. حرب تبدلت فيها حتى ادواتها حيث لم يعد في السودان مكان آمن.. طفقوا يحدثونا من خارج السودان عن دور تلعبه حكومة د كامل في تحسين معاش الناس ، عن التعليم و الصحة و الأمن و محاربة الفقر و التنمية المستدامة، أهداف كوبي بيست لما ورد في خطاب د كامل الافتتاحي. . في دولة نازحة مؤسساتها و مواطنوها و خزين،، بفعل المقاطعة الاقتصادية، خاوية على عروشها
و لا ادري هل لحكومة د كامل عصا سحرية تجعل هؤلاء الخبراء الأمنيين و السياسيين و الاعلاميبن في الفضائيات يبيعون الوهم للشعب السوداني!!!!؟؟؟
آن الأوان لكي يحتكم الجميع لصوت العقل و تفكير خارج الصندوق لكي يتم انقاذ ما يمكن انقاذه قبل الانهيار التام للدولة ، و ان كان هناك من منتصر سوف لن يجد وطنا او شعبا يحكمه…بدلا من بيع الوهم للشعب السوداني..
و مما لا يدعو مجالا للشك، أفضل الحل السلمي بملكية سودانيه و بتوافق سياسي جامع.. من حل يفرض علينا من الخارج كما يحدث في عدد من بؤر النزاع في العالم..

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى