
بقلم: محمد العاقب
الاستثنائية التي تعيشها البلاد تتجلى فيها أهمية الثقافة والسياحة كشعلة أمل ونافذة للتنفس في ولاية سنار، مؤكدة على دورها المحوري في صون الذاكرة وتعزيز التنمية. فقد تحول نادي النيل بسنار كما أوضح رئيسه الطيب بشير حماد إلى منارة للفعاليات الفنية والأدبية، مستضيفًا الليلة الثقافية واحتفالاً باليوم العالمي للسياحة، وهو ما يبعث برسالة واضحة بأن الثقافة والسياحة لا تتوقفان حتى في أوقات الشدة.
سنار كنز تاريخي وسياحي ينتظر الاكتشاف والاهتمام
أكد المتحدثون وفي مقدمتهم المدير التنفيذي لمحلية سنار فيصل عبد الرحمن ومدير إدارة الثقافة عبد الكريم أري ومدير إدارة السياحة بالإنابة كمال صالح ومحمد عبد الله حسين مدير إدارة السياحة السابق الذي قدم محاضرة قصير عن أهمية السياحة ومدير منشآت سنار عاصمة الثقافة الإسلامية صلاح قلاديمة أكدوا جميعهم على أن سنار ترقد على ثروة هائلة من التأريخ والسياحة والآثار. هذه الثروة قادرة على المنافسة عالميًا، حيث تم ذكر نماذج مثل حظيرة الدندر وسنار وجبل مويه. كما تم تسليط الضوء على الآثار التي تعود إلى ما قبل التاريخ في الكهوف بالجبال وأول مصنع للإسمنت في جبل سقدى، مشيرين إلى أن كثير من الكنوز في الولاية لم تر النور بعد. ولعل هذا التراث والآثار بولاية سنار تمثل أساسًا لنهضة سياحية يمكن أن تحقق التنمية المستدامة.
الثقافة والأدب صمام الأمان وروح المقاومة في المحور الثقافي
كان طاغيًا في تلك الليلة الثقافية التي شهدها نادي النيل يوم أمس الاول، الأدب والفن الذي شكل قوة ناعمة داعمة للمجتمع، وتحدث أ. محمد الفكي عن رابطة سنار الأدبية وتجربة الشاعر محمد عبد الحي وإضافته لخمس أناشيد بعنوان العودة إلى سنار، وهو ما يعكس قوة الانتماء وإلهام المكان. كما استعرض خلفية رابطة سنار الأدبية التي تأسست في السبعينيات، مؤكدًا على استمرارية دورها في التعبير عبر الفنون المختلفة. كما برز دور الفن الشعبي والمسرح عبر مشاركة فرقة أحضان النيل التي قدمت عروضًا مسرحية ومسرح عرائس، لامست قضايا الخدمة المدنية ومعاناة المعاشيين، ما يؤكد أن الثقافة هي وسيلة للتعبير عن هموم الناس ومشاكلهم.
وتحدث عن العلاقة الوثيقة بين الثقافة والتنمية د. بهاء الدين أحمد الحاج الذي قدم رؤية عميقة تربط سنار بأهمية يوم السياحة والترجمة والزراعة العربية، مشددًا على أن سنار جمعت فأوعت. كما ربط بين الأدب والثقافة وبين التنمية والمشاريع المروية في الولاية، وهذا الربط يؤسس لمفهوم أن التنمية الشاملة لا يمكن أن تستقيم دون الاهتمام بالجانب الثقافي والأدبي. لقد أكد المدير التنفيذي لمحلية سنار فيصل عبد الرحمن أحمد أن غياب الثقافة أدى إلى قيام الحرب، مشددًا على أن الثقافة تساعد في أن يتنفس إنسان سنار ما يجعلها ضرورة وجودية ووطنية.
إن الإشارة إلى تراث شخصيات من بلادي مثل محمد عبد الحي وعبد الله رجب وعون الشريف قاسم والطيب صالح وغيرهم هي دعوة إلى أن نتكي آثار هؤلاء ونخطط للأمام ودعوة للاستفادة من الإرث الثقافي كخارطة طريق نحو المستقبل.
ويظهر احتفاء سنار باليوم العالمي للسياحة وسط الأزمات التزامًا باستعادة الروح الجمعية، فالسياحة والثقافة هما محركان للنهضة ووسيلة لتخفيف آثار الحرب وضمان لاستمرار الإبداع، وهما مفتاح الكنوز التي تنتظر أن يضيئها أهل سنار للعالم.