
بقلم: أمينة الفضل
مع الأجواء الغائمة وكوب الشاي الساخن تتسابق الأفكار والذكريات والمواقف التي عشتها في مراحل حياتي المختلفة.
كنت أفكر دوماً في كنه السعادة، وهل امتلاك المال والعقار والذهب والنفائس سبب في السعادة وهل يجلب الثراء السعادة، اتفكر في كثير من المواقف والأحداث التي صادفتني في الحياة واعبر بالذاكرة إلى حيث جدي خال الوالدة أبوي علي منذ أن وعيت على الحياة وجدت الجميع ينادونه أبوي علي، هذا الرجل الصالح واحسبه كذلك لم يكن يملك من الدنيا غير غرفة يحيط بها حوش دائري صغير تعلوه راكوبة من القش، ومخزن للمؤن ومحصول الذرة الذي يقوم بزراعته. لم ينجب لكنه كان اباً للجميع بلا استثناء واجدني محظوظة بكثرة الجلوس اليه في الإجازات وتواصل الأحاديث معه، له ونسة ممتعة إذ يحدثك حديث العارف بأحوال الدنيا، ويضحك ملء فيه ولا يحمل هماً للغد. سألته مرة سؤالاً عرضياً لماذا لم تتزوج في زوجتك لتنجب أطفال يشاركونك الحياة ابتسم واجابني،(فوق بت العمدة ما بعرس) وكانت زوجته خديجة بنت الفضل جدتي عمة الوالد كانت إمرأة جميلة وخدومة ونشيطة إمرأة بهية الطلة ضحوكة، قلت له، هل تخاف منها اجابني ليس الخوف يا ابنتي إنها العشرة والمحبة، هب اني تزوجت قد لا انجب وإن أنجبت قد اتعذب في حياتي، يا ابنتي لله حكمة في كل ما يخلق ويريد، حرمني الذرية لكن أعطاني زوجة محبة وأبناء أخوان كأنهم أبنائي. سألته هل انت سعيد في حياتك اجابني (بلحيييل يا بتي سعيد وراضي بقسمتي) . كان صادقاً، وكنت اقارن بين بيته وبعض البيوت وبين الرضا الذي ينبع من قلبه فيظهر على ملامح وجهه، وبين ضحكاته الحقيقية الطبيعية عند ارتشافه لفنجان القهوة وونسته معي. أكاد أجزم أنه كان سعيداً هذه السعادة التي ظللت ابحث عنها فوجدتها في الرضا. إن كنت راضياً فستشعر انك تملك الدنيا بكلتا يديك وانت داخل كوخ صغير، والرضا لا يُمنح لأي إنسان إلا إنسان رضي الله عنه.
(رضي الله عنهم ورضوا عنه) وهذه قمة السعادة. قد يسعدك كوب شاي أو فنجان قهوة وقد تسعدك فيلا وعربة السعادة إحساس داخلي مشبع بالرضا يشع بريقه في العيون.
*مرايا أخيرة..
اسأل الله لكم سعادة ورضا.